عمل العدو الصهيوني جاهداً على سرقة ما استطاع الوصول إليه من الأدلة ولابراهين التي تثبت حق الفلسطينيين في أرضهم، لأجل ذلك كانت سرقة ملفات دوائر المساحة والطابو في فلسطين المحتلة والسيطرة عليه وإخفائها، من هنا لا بد من إبراز الدور الشعبي في الحفاظ على ما تبقى من هذه الوثائق وأرشفتها وتوظيف بياناتها في المعارك مع العدو الصهيوني ومع الدوائر القانونية العالمية،وهي تمث شاهد حقيقي على النكبة واغتصاب الحقوق ، لذلك لا بد من هبة جماهيرية نحو توثيق هذه الوثائق، وهنا تجدر الإشارة إلى أن أي وثيقة أو ورقة مهما كان نوعها قديمة من فلسطين أو عن فلسطين فهي ذا أهمية قصوى، وأخص بالذكر هنا:
- وثائق بيع ورهن وإيجار العقار: حيث تعتبر هذه الوثائق حجة دامغة على أحقية وملكية العقار .
- وثائق الزواج والطلاق : تعتبر دليلا على الوجود والإقامة في المنطقة التي أشارت إليها الوثيقة.
- الشهادات التجارية وصفقات البيع والشراء والاستيراد والتصدير واستملاك الشركات التجارية والرخص المهنية والتجارية ورخص البسطات والسياقة وخاصة تلك التي كانت في عهد حكومة الانتداب.
- بطاقات الهوية وجوازات السفر وشهادات الميلاد والوفاة وشهادات التطوع في جيش الإنقاظ.. .
- كل وثيقة فيه ذكر لاسم شخص ومكان، فهذه قد تكون دليلا على الإقامة في هذا المكان والسكنى به
تعرض الشهادات للضياع والتلف :
كثير من أهلنا فرط في هذه الشهادات سواءً أكان ذلك في لحظة يأس أم عدم إدراك لأهميتها، فكثير منها فقد أو مزق أو لم يحفظ بطريقة جيدة، فهنا لا بد من تظاهرة كبيرة لترميم ما تبقى من هذه الوثائق وحفظ نسخ منها في مؤسسات الدفاع عن حق العودة وإعطاء نسخ منها لأصحابها
مثال دال :
نحن أمام وثيقة مهمة من هذه الوثائق، وهي عبارة عن بيع قطعة أرض وملحقاتها في إحدى قرى مدينة حيفا وتكمن أهميتها في النقاط التالية :
- ذكرت الأسماء الكاملة للفريق الأول والفريق الثاني والشهود .
- حددت الوثيقة مكان قطعة الأرض والملاك الذين يجاوروها من الجهات الأربع وهذه كذلك إثبات لملكية الأراضي لأصحابها المجاورين لهذه القطعة .
- وجد بالوثيقة اسم وتوقيع مأمور الطابو في مدينة حيفا، وهذا شاهد آخر على إثبات الملكية.
- جاء في نص الوثيقة ” وإن أراد الفراغ أن أحضر له شهادة مختار وختيارية القرية في إثبات ملكيتي إلى البت … ” يشير هذا النص إلى طريقة أخرى من طرق إثبات الملكية للعقار المتبعة في ذلك الوقت وهي شهادة كبار السن والقيادات الاجتماعية مثل المختار، ومن هنا أوجه دعوة للعاملين في مجال التأريخ الشفوي أن يثبتوا سؤالاً لمن يوثقوا شهاداتم حول ملكية الأراضي التي تجاورهم أو ملاك أراضي قريتهم، فهذه قرينة في إثبات الحقوق وتوثيق أسماء الملاك .
- لا تخلو الشهادة من الحس القانوني الواضح في نصوصها، واستخدام بعض العبارات المتعلقة بذلك، مثل العبارات التالية ” على ذلك تم الرضا والاتفاق فيما بيننا نحن الفريقين بطوعنا واختيارنا بلا إكراه ولا إلزام، ونحن بأكمل الأوصاف المعتبرة بصحة البيع والشراء، وقد وافقنا عليها بعدما تليت علينا ووافق كل منا بمضمونها، وقد تحررت نسخة واحدة تحفظ بيد الفريق الثاني ” هذه العبارة مليئة بالمفاهيم القانونية المتعلقة بأهلية إبرام العقود مثل الاختيار وعدم الإكراه، وشروط أهلية العقد من عقل وبلوغ ..، كما أن التوقيع لم يتم إلا بعد أن تليت والغالب أن مأمور تسجيل الأراضي هو من تلاها، وأخيرا حررت بنسخة واحدة تعطى هنا لصاحب الحق لإثبات حقه، فالفريق الأول قبض الثمن والفريق الثاني تمثل هذه الوثيقة الثمن بالنسبة له .
بقي القول أن المطلوب جهد شعبي عارم لترميم وتوثيق هذه الوثائق وتصويرها رقميا بجودة عالية إضافة إلى رفع مستوى وعي الناس بأهمية هذه الوثائق، وستبق واحداً من شهود النكبة الذين سيثبتون حق أصحاب فلسطين بها، فلنحافظ على شهودنا .